أسباب تقتل الفرحة في حياتك

 يا ترى ممكن تكون انت اللي بتقتل فرحتك بإيديك؟ طيب لو ده صح فعلا، يبقى ازاي؟ الحاجات دي بتحصل في اللاوعي، وانت ممكن تكون بتعملها من غير قصد، وبتقتل الإجابية في حياتك.

عشان كده بتلاقي نفسك مكتئب وتعبان وسلبي. لدرجة أن حتى لو الدنيا ضحكتلك وادتلك فرصة تفرح، بتضيعها وترجع تندم وتقول اشمعنى أنا. أنا أكيد الغلط فيا. أنا نحس وهفضل نحس طول عمري. أنت لما بتقتل الفرحة في حياتك أنت كمان بتقتل الإجابية ومش بتطور من نفسك وبتفقد البوصلة وبتوه في الحياة.

عدم التوازن ده بيمنعك تشوف الحلو في الحياة وبتفقد الشغف تماما وبتتحول زي زومبي، واللي بيتحول زومبي بيبقى صعب يرجع انسان. في حاجات كتير جدا بتقتل الفرحة جواك، بس المرة دي هنتكلم عن 7 فقط. فلو انت في رحلة تطوير الذات، وتنمية شخصيتك، بتبحث عن الإبداع، والحب، والشغف، والموهبة – حتى لو بتدور على التغيير الإجابي في حياتك، الكلام ده ليك. ليه؟ علشان انت في كل مراحل حياتك هتقابل الحاجات اللي بتقتل الفرحة جواك، ولو مكنتش عارف أيه هي اصلا، يبقى ازاي هتتعامل معاها؟ هتلاقي نفسك بتدمر نفسك من غير اصلا ما تحس، هتلاقي نفسك في حالة نفسية سيئة وانت حتى مش عارف ليه.

1. الرغبة في قتل الفرحة

صدق أو لا تصدق اخطر طريقة بتقتل الفرحة في حياتك هي انك مش عارف انك عندك الرغبة في قتل الفرحة في حياتك. فلما الحاجات الإيجابية تدخل حياتك، أو حتى تبتدي تظهر في حياتك، انت بتفضل تبرر وتحلل وتفكر عشان تلغيها. بل انك بتدور على أي حاجة سلبية في الحاجات الكويسة في حياتك. ده انت نفسك اللي بتعمل الغيوم اللي في حياتك علشان انت كده بتكون مرتاح وحاسس بالأمان.

انت فاكر انك طول مانت بتفكر في السلبيات والسيناريوهات السودة كده انت بتستعد للاسوأ. بس في الحقيقة، كتر التفكير في السلبيات بيحولها لواقع عايشينه جوا دماغنا. وده حاجة اصلا بتعود لعلاقتك بالنجاح والإيجابية والوفرة. انت لو متعود على الحاجات دي في حياتك مش هتعاني وهتكون جزء طبيعي. بس انت لو متعود على السلبية والسواد، مش هتبقى متعود على الإيجابية. هتكون مرتاح وانت في حالة سلبية، هتكون حاسس أن دا العادي. زي شخص طول حياته مسجون لدرجة انه أتعود ولما أخد براءة كان عايز يرجع للسجن اللي اتعود عليه.

ظاهريا، احنا عايزين الطاقة الإيجابية تملى حياتنا بس أحنا من جوانا مش مستعدين – أو بمعنى اصح مش متعودين عليها. ولأنها بتكون جديدة علينا بنكون مش مرتاحين فيها لأننا لسه متعودناش عليها. وبنجري نرجع للسواد والكآبة اللي اتعودنا عليها لأنه بقى جزء من شخصيتنا. ازيدك من الشعر بيت؟ انت مثلا لو متربطة بواحد كان toxic وفضلتي معاه فترة طويلة، بعدين لما تفركشي اخيرا وتحبي جديد، بتحسي انك بتعيدي تكرار نفس المواقف ونفس الاحداث مع الشخص الجديد. علشان حاسة ان ده اللي متعودة عليه.

بس في الحقيقة ان دي روابط عصبية في المخ احنا اخدنا عليها. يبقى اول حاجة بتقتل الفرحة في حياتنا هي اننا عندنا رغبة دفينة اننا نقتلها من الأول. والدافع موجود. اصل منين أحنا عايزين الحب والحياة والطاقة ومنين احنا بنهرب منها لما بنلاقيها؟ يبقى لازم نفهم ان التعود مهم جدا، ونبدأ اننا نتعود على الحاجات الحلوة اللي احنا عايزينها ونعيد بناء وتركيب شخصيتنا حواليها إن لزم الأمر.

2. الحساسية المفرطة

الحساسية حلوة، ان يكون عندك احساس وبتعبر عنه براحتك، ده حلو. بس الحساسية المفرطة دي بتكون ضعف. عادة، الشخص الحساس بزيادة دا بيكون مجروح في مشاعره. زي لما تكون مجروح مثلا وتبقى مش قادر لو حد لمس الجرح أو جه جنبه. مش مطلوب خالص انك تقفل على مشاعرك، بس لازم تتحكم فيها مش العكس. فكل ما تشعر بالحزن والخوف أو عدم الراحة بتحس أنها أقوي من حقيقتها. يعني انت بتبالغ في رد فعلك للمشاعر دي مع أنها مش بالقوة اللي انت متخيلها. بس عشان انت حساس بزيادة بتديها اكبر من حجمها، وبالتالي ده بيقتل الفرحة جواك.

للأسف، انت اصلا مش بتفكر ليه انت حاسس بالحزن ده، او ازاي تتعامل مع الإحساس ده أيا كان. انت بس بتكون في حالة رد الفعل. ده مش بيأثر على مشاعرك بس، بيأثر كمان على جسمك فتحس انك همدان ومكسل تعمل حاجة. غير طبعا لما تدي الشعور ده حجمه الطبيعي وتحس به بعدين تكمل يومك عادي.

طيب ازاي تتعامل مع الحالات الشعورية السلبية دي لما تحصل. وقف لحظة. في لحظة بين ظهور الشعور ده وبين رد فعلك. فلما تحس بإحساس مثلا زي إحساس الخوف، توقف. حاول تصبر وتطول الوقت بين الشعور نفسه وبين رد فعلك اتجاهه. أنا مش بتكلم انك تصبر ثانية ولا حتى خمس دقائق. أنا عايزك تصبر يومين تلاتة أو حتى أسبوع لغاية ما جهازك العصبي يهدى خالص وتقدر تفكر فعلا هتعمل ايه في الموقف ده. متخليش الحساسية المفرطة دي تقرر هتتصرف ازاي. بص عليها كأنك شخص تالت مختلف. بص على الموقف من بعيد. حاول تاخد خطوة بعيد عن الموقف والاحساس وتحس به كأنك واحد تالت شايف المشكلة من بره.

أنا بتخيل الحساسية المفرطة دي زي البنزين اللي بتصبه على النار. يعني مثلا حصل موقف ضايقك فعمل شوية نار صغيرين لو سبتها هتطفي لوحدها. بس الحساسية المفرطة عاملة كأنك جبت جركن بنزين وصبيته على النار وبعديها تفضل تحاول تطفي النار بأنك تصب بنزين اكتر. مع انك لو كنت سبتها شوية كنت هتطفي لوحدها أو لو كنت فكرت شوية كنت هتقدر تطفيها قبل ما تكبر.

3. تجاهل الحاسة السادسة

أنا عايش بمبدأ لو لازم افكر في الموضوع يبقى الإجابة لأ. لأنك لو لازم تفكري في الموضوع يبقى مخك بيحاول يقنع قلبك يقتنع بحاجة هو مش حاسسها. قلبك عارف الإجابة ولو مش عايزة تفكري في قلبك، فكري باحساسك أو بالحاسة السادسة أو بالبديهة. عقلك مش في مخك بس ده كيانك كله يعني انت واعية بعشرة في الميه بس من اللي بيدور في مخك كله. كل الأفكار اللي بتدور في عقلك الباطن بتبعتلك إشارات على هيئة حاجات بتحسيها في جسمك زي لما عينيك ترف لما ايديك تترعش أو لما تحس بكرشة نفس أو انقباض في العضلات. كل الحاجات دي ماهي عقلك الباطن بيحاول يبتعلك اشارات بتحسها في جسمك.

في إشارات بتبقى واضحة وفي إشارات بتبقى غامضة. فأنت بتلاحظي لما تشوفي حد مش مرتحاله، لما يجيلك مغص فجأة من غير سبب، ده جسمك بيحاول يكلمك. فالمخ بيحاول يقنع جسمك أن مفيش حاجة وكله تمام وتكمل الموضوع. بعدين تلاقي نفسك كان احساسك صح من الاول. وترجع تقول هو فيه، مش يمكن الغلط عندي، هو انا عملت ايه غلط. ماهو انت اللي مأخدتش ألإشارات اللي عقلك الباطن بيبعتهالك طول الوقت بجدية من الأول. انت اللي اقنعت نفسك أن مفيش حاجة وتجاهلت الاشارات.

انت جواكي حاجة زي إشارة المرور بتديكي الضوء الأخضر لما تكون الحاجة دي كويسة عشانك. بتديكي الضوء الأحمر لو الحاجة دي مش مناسبة. والضوء الاصفر بيقولك اصبري شوية، مش دلوقتي، لسه الفرصة مجتش. يمكن دي تبقى الحاسة السادسة، أو العقل الباطن اللي بيقوله عليه، أو غريزة البقاء، أو يمكن ملاكك الحارس. المهم لازم تسمعيه وتسمعي أحساسك ده.

4. المقارنة

السبب الرابع اللي بيقتل فرحتنا جوانا هو المقارنة، أننا بنقارن نفسنا بالآخرين. المقارنة هنا ليها شقين، هو انك تقارني نفسك بحد انت فاكراه اعلي منك او افضل منك والشق الثاني انك تقارني نفسك بشخص انت شايفاه اقل أو أدنى منك. والمقارنة اللي بتكلم عنها هي الاعتقاد الخاطئ ان وجود النعمة في حياة شخص تاني يعني غيابها من حياتك. يعني تشوف حد تاني ناجح، تقول أنا فاشل، تشوفي واحدة جميلة تقولي أنا مش جميلة، تشوف حد مبسوط، تقول أنا كئيب، أو واحدة سعيدة في جوازها يبقى انت مش سعيدة.

وكلنا عندنا الاعتقاد الخاطئ ده بدرجات متفاوتة. بس اللي مش بناخد بالنا منه أن قدرتنا أننا نشوف الحاجات دي في الناس معناها انها عندنا حتى لو احنا مش واخدين بالنا. فهي موجودة ومكناش هنشوفها لو مكنتش عندنا. يعني قدرتك انك تشوف النجاح في الناس ده معناه ان الناس شايفه ده فيك ويمكن انت اللي مش واعي بده. وده برده ينطبق على الحب والسعادة والصحة. لو انت شفت الحاجة دي في الناس يبقى هي موجودة فيك انت.

أنا بحب أشبه الفكرة دي باختبار بقع الحبر. عارفين الاختبار ده؟ اسمه العلمي اختبار رورشاخ الإسقاطي. اللي هو بتشوف بقعة حبر كده ملهاش ملامح والفكرة ان هي مجرد بقعة ملهاش معنى معين. بس إحنا بنشوف فيها حاجات وتفاصيل بتعكس عقلنا الباطن وبتكشف احنا بنفكر في ايه من جوانا. هو ده اللي بيحصل بس بقعة الحبر هي الأشخاص التانيين والمواقف اللي بتحصلنا كل يوم والحياة عموما. اللي هو أحنا اللي بنعطي معنى لكل حاجة. زي حاجة ملهاش ولا طعم ولا ريحة ولا لون، بس احنا لما بنتفاعل معاها بنديها حياة وبنديها معنى. في حين ان هي في حد ذاتها ملهاش معنى، بس احنا اللي بنديها المعنى ده.

وهتفهم الفكرة دي لما ترجع مع الوقت لحاجات شوفتها زمان. مثلا لما تشوف فيلم وترجع تتفرج عليه تاني بعد فترة، بتلاحظ تفاصيل جديدة مشفتهاش قبل كده، وبتشوف افكار مختلفة. ليه مع أن الفيلم هو هو. عشان انت اللي اتغيرت وافكارك أتطورت. فرؤيتك دايما مش بتكون كاملة ولا الصورة بتكون واضحة، ودايما في فرصة انك تشوف الحياة من منظور جديد. فاحنا بنغير وجهة نظرنا في الحياة لما احنا نفسنا بنتغير.

المقارنة بتقتل الفرحة بالحاجات اللي عندنا فعلا لأننا مفكرين أن الشخص التاني عنده حاجة زيها أو احسن منها. فكرة أن الحياة تورتة لازم نقسمها ونتخانق على الفتافيت فكرة مدمرة. الحقيقة أننا كلنا في المطبخ، تمام؟ بنطبخ اللي احنا عايزينه. وجود شخص عنده حب ده مش معناه انك معندكش حب او متقدرش تحصل عليه. قدرتك على انك تشوف الشخص التاني ده واقع في الحب معناه انك عندك الحب ده او تقدر تحصل عليه.

لأنك لو قدرت تشوف الحاجة، ده معناه انك تقدر تتخيلها، ولو انت قادر تتخيلها، يبقى انت قادر تصنعها. وهتصنعها. حتى المنافسة دي حاجة وهمية الحاجة اللي مكتوبة ليك هتجيلك حتى لو اجتمع الأنس والجن ضدك. ويقول الحديث "وَاعْلَمْ أَنَّ الْأُمَّةَ لَوْ اجْتَمَعَتْ عَلَى أَنْ يَنْفَعُوكَ بِشَيْءٍ لَمْ يَنْفَعُوكَ إِلَّا بِشَيْءٍ قَدْ كَتَبَهُ اللَّهُ لَكَ وَلَوْ اجْتَمَعُوا عَلَى أَنْ يَضُرُّوكَ بِشَيْءٍ لَمْ يَضُرُّوكَ إِلَّا بِشَيْءٍ قَدْ كَتَبَهُ اللَّهُ عَلَيْكَ".

مفيش أي حد ولا أي حاجة هتمنع عنك اي حاجة مكتوبة ليك. دي خدها وخليها حلقة في ودانك وبروزها كده وافتكرها دايما. الحاجة لما تكون بتاعتك انت عمرك ما هتحتاج تتخانق مع حد عليها ولا تحارب عشان تحصل عليها. لأن الحاجات اللي انت بتصنعها جزء منك ومفيش حد هيقدر ياخد حاجة بتاعتك جزء منك.

5. الإحساس بالذنب تجاه مشاكل الآخرين

السبب الخامس اللي بيقتل الفرحة في حياتك هو الشعور بالذنب تجاه ذنوب انت معملتهاش. وانت بتسمع دلوقتي في واحد قلقان جدا وهو داخل يعمل انترفيو، في واحد تاني لابس ومتشيك وخارج في ديت مع حبيبة عمره، في واحد الدنيا سودة في عينيه وبيقطع شرايينه. في واحدة دخلت على جوزها لقيته بيخونها مع صاحبتها الانتيم، في واحدة داست على راجل عجوز ومات علشان كانت بتتكلم في الموبايل وهي سايقة، في واحدة جوزها طلقها علشان مبتعرفش تطبخ. مش مصدق؟ طيب خد التقيلة: في عاصفة على كوكب زحل شغالة بقالها خمسين سنة.

يعني ايه يعني؟ يعني انت مفيش في ايدك حاجة تعملها للاشخاص دي كلها. ولا اي حاجة. يعني طول الوقت في ناس بتعيش وتموت وناس بتفرح وتتألم بدرجات متفاوتة. وكونك انسان طيب وحساس ومتفتح مش معناه انك لازم تحس بالذنب على كل المآسي اللي بتحصل في العالم.

بس معناه انك متأجلش الفرحة لما تجيلك وتستمتع بيها. ولسخرية القدر، انت لو فعلا تقدر تساعد، فأنت غالبا هتزود المشكلة. انت ممكن تكون فعلا جواك نية المساعدة وعايز تساعد بضمير، بس لأن محدش طلب منك المساعدة، فأنت بتضر اكتر ما بتنفع. بالبلدي كده زي اللي بيجي يكحلها يعميها.

وعلى فكرة انت هتجيلك الفرصة زي ما جاتلك قبل كده وجات وهتيجي لكل الناس. وبرضه هيجي عليك الدور انك تحزن على فقدان حد بتحبه، اليوم اللي هتتعامل فيه مع الفشل والالم والحزن. بشكل او بآخر، كلنا بنمر بنفس التجارب بنحس بالحزن والالم والسعادة. بس انت لما تحس بالذنب انك مبسوط عشان في شخص ما في مكان ما بيعاني يبقى انت بتظلم نفسك. لو ده تفكيرك يبقى عمرك ما هيجي عليك لحظة في حياتك تحس بالفرحة بحق وحقيق. وتاني، كونك سعيد وفرحان ومبسوط بحياتك واللي معاك ده مش معناه ابدا انك تتجاهل المآسي والآلام والحرمان الموجودين على الارض.

لكن لما تجيلك الفرصة انك تلاقي السلام وتلاقي حاجة تفرحك، من حقك انك تتمسك بيها وتحتفل بيها وتعيشها. متستأذنش من حد. تاني، احساسك بالذنب ان في شخص ما شايل حمل تقيل ولا هيخفف الحمل على الشخص ده ولا هيساعدك تطور من نفسك. في لحظات للفرحة ولحظات للحزن ولحظات للنسيان ولحظات للتمسك. في حاجات مهمة عندك وفي حاجات نقصاك مع ناس تانيين وده حال كل الناس في كل مكان وزمان. ولو فهمت ده هتلاقي مساحة تقدر وتحترم ان العالم مش هيتغير للافضل لما تقتل الفرحة في حياتك لمجرد انك حاسس انك متستحقهاش.

6. تأجيل الفرحة للمستقبل

السبب السادس اللي بيقتل الفرحة في حياتك هو تأجيل الفرحة. لما تفكيرك بيكون انا هبقى اعملها بعدين او لما اخلص اللي في ايدي هتفرغ لها. بتقول لنفسك يوما ما هقابل حب حياتي وهنسافر ونشوف العالم. اللي انت مش واخد بالك منه ان قوتك موجودة في اللحظة الحالية. قوتك موجودة دلوقتي فقط، انت متضمنش المستقبل شكله هيبقى عامل ازاي. بس انت ممكن تختار دلوقتي حالا انك تغير يومك. انت مش مرتبط بالماضي او باحساسك دلوقتي – حتى خطة اليوم انت مش مجبر عليها. لما الالهام يجي يخبط على بابك، لازم تفتح الباب وتدخله وتسيبه يوريك الطريق.

احنا كتير بننسى ان حياتنا ممكن تتغير فجأة، فاهم قصدي؟ لما بنفكر في الماضي ونشوف ايه اتغير وايه فضل زي ما هو بنلاقي ان التغييرات الكبيرة حصلت مرة واحدة – حتى مش بنلاحظ بدأت ازاي وامتى. ممكن نفضل سنين نحلم نقابل شخص جميل يغير حياتنا، وبنفضل نفكر ونحلل ونبرر وفي الاخر نقول الامنية دي مستحيل تتحقق. وفجأة وبدون اي مقدمات تلاقي الشخص ده قدامك.

وفي نفس الوقت، التغيير الكبير ده ممكن يجي من حاجة بسيطة جدا انت عملتها وشقلبت حياتك 180 درجة. حاجة بسيطة بتعملها كل يوم على المدى الطويل وتراكمت. انا قصدي ان الفرحة اقرب مما تتخيل. دي ممكن تبقى قدام عينيك طول الوقت بس انت مش شايفها. الحكاية كلها انك بتاخد قرار وشكرا. مش دايما بتحتاج تعمل خطة وتفكر كتير. بالعكس، الحكاية ممكن تاخد ثانية واحدة تغير حياتك كلها. زي ما قلت عقلك الباطن كل شوية بيبعتلك إشارات.

انت لو قاعد تقول انا عايز اتغير ابدأ منين، يبقى انت بتفكر زيادة عن اللزوم. انت لو هديت وشلت الافكار الزيادة من دماغك، هتقدر تسمع قلبك بيقولك ايه. وهتعرف انت عايز ايه بالظبط. قلبك بيقدر يفرق بين الوهم والخيال وهو عارف انت عايز ايه. يمكن دلوقتي الحياة اللي بتتمناها يبان انها مستحيلة، بس افتكر ان حياتك دلوقتي برضه كانت تبان مستحيلة قبل كده. هي بتعتمد على طريقتك في التعامل مع الظروف اللي حواليك. ومع الوقت، بتلاقي المواقف الغريبة عليك اصبحت شيء عادي بيحصل كل يوم.

انت لو بتحلم تشتري عربية ومعكش حقها، ممكن تروح محل العربيات وتسوق العربية اللي بتحلم بيها كأنك بتجربها. عشان بس تحس بالاحساس لما تكون دي عربيتك فعلا. لو عايز تسكن في بيت لوحدك، ممكن تأجر غرفة في فندق وتعيش فيها يومين عشان تحس باحساس انك عايش في بيتك. على جانب آخر، انت شخص بتخاف من الطيران، بس ممكن تروح محاكاة الطيران وتتعامل مع مشاعرك السلبية على نطاق اصغر. اكيد انت مش هتكون خايف من الطيران الحقيقي على قد ما هتكون خايف من محاكاة الطيران. وده بيساعدك ويأهلك واحدة واحدة انك تتعامل مع المشكلة الكبيرة. يعني بتتحدى نفسك بظروف اسهل قبل ما تواجه الظروف الصعبة.

زي اللعبة، انت مش اول لما بتبدأ بتخش على level الوحش. بتمر الاول بمراحل سهلة ووحوش تقدر تغلبها. لغاية ما يكون عندك القوة والمهارة والعقلية اللي تخليك تغلب الشرير. فلو مش هتقدر تستمتع بالفرحة الكبيرة وهتفضل مأجلها، حاول انك تبسط نفسك بطرق بسيطة وصغيرة ومع الوقت هتقدر تفرح بجد دلوقتي ومن غير تأجيل. والاختيار اختيارك دايما دلوقتي مش اي وقت تاني.

هدفنا مش اننا نفكر في المستقبل، هدفنا نعيش دلوقتي، خطوة بخطوة. لأن في الحقيقة، الوقت المناسب لأي حاجة عمره ما هيجي. انت اللي بتعمل الوقت المناسب. مفيش حاجة اسمها انا مستني الوقت المناسب. كل الاوقات مناسبة انك تطور من نفسك وتغير حياتك. كل الاوقات مناسبة انك تفكر بإيجابية وتفرح وتعيش حياتك.

7. الشكوى

السبب السابع والاخير لقتل الفرحة في حياتك هو الشكوى المستمرة. الشكوى من المشكلة ومن نتائجها بيزود تأثيرها وبيشحنها. فالخروج من اي ظروف سلبية زي عقلية الضحية او علاقة توكسيك هو الانسحاب. ايوة. انسحب من اي موقف سلبي. بس صعوبة الانسحاب بتكمن في اننا طول ما بنتفاعل مع المشكلة بنحس اننا بنحلها او بندور على حل او بنحاول نصلحها. الحقيقة اننا بنزود نار على البنزين بالحساسية المفرطة اللي احنا حاسين بالقهر ولازم نحل المشكلة. بالتالي، المشكلة بتتعقد اكتر. باللغة العربية الفصحى كده زي اللي بيزود الطين بلة.

فأنت ممكن تقضي حياتك كلها تشكي من المشكلة ومركز عليها وحاسس بحاجات وحشة عشان في حاجات كتير انت مش بتحبها ولا عايزها. وده بيزودها اكتر واكتر لأنك بتشحنها بالطاقة وبتديها كل اهتمامك ووقتك. والظروف هتتحول من سيء للأسوأ. فأنت لازم تنسحب وتركز على حل المشكلة، مش المشكلة نفسها عشان فيه فرق. انت شايف المشكلة وفاهمها وعارفها وحاسس بألمها وبتعاني، بس مش بتتجاهلها وتقول هي هتحل نفسها. او لو عملت نفسي مش شايفها هي هتروح لوحدها. لأنك كده برضه مش هتلاقي حلول. اصل ازاي هتعرف الاجابة من غير ما تسأل السؤال؟

الشكوى مش هتحل المشكلة دي هتزودها يعني مش هتحل المشكلة غير لما تبدأ تركز على الحل. انت قدامك انك تفضل تبكي على الاطلال او تبني مدينة جديدة. ابكي على الاطلال زي مانت عايز بس متتوقعش ان ده هيعيد امجاد الماضي. ولو قررت تبني مدينة جديدة، هتقدر تنسى جرح الماضي. انت في ايديك تفضل تشتكي من الوضع وفي ايديك برضه تشقلبه.

غزي مخك زي ما بتغزي جسمك. مخك شغال 24 ساعة حتى وانت نايم. وجه الطاقة دي في حاجة مفيدة. زي ما قلبك عارف انت عايز ايه، مخك عارف تحققه ازاي. هكرر تاني قلبك عارف انت عايز ايه ومخك عارف تحققه ازاي. قلبك بيقولك هو ده اللي انا عايزه بس مش لازم يقولك ازاي هيتحقق دي وظيفة مخك. ومخك برضه مش المفروض يقولك انت عايز ايه، المفروض يقولك تحققه ازاي. فبلاش تعكس الادوار دي.

متفكرش هل انا اقدر ولا مقدرش احل المشكلة، فكر انا ازاي احل المشكلة. ولما كل تركيزك وتفكيرك يكون على ازاي تحل المشكلة، هتلاقي الاجابة ظهرت لوحدها. بجد. هتتصدم بالقوة اللي جواك ومكنتش عارف انها جواك. لأنك طول الوقت ده كنت عايش حياتك بنص قدراتك ويمكن ربعها. الخوف من المجهول هو اللي خلاك متعلق بين السما والارض ومتمسك بحاجات مضرة عشان مريحاك. كبشر احنا كائنات عجيبة لأن مخنا منقسم على نفسه.

يعني قشرة فص الجبهة اللي الجزء المسئول عن اللغة والمشاعر والغموض والتخيل عمال يخترع في افكار ويتخيل انت ممكن تعمل ايه وتبقى مين. ده الجزء بتاع الابداع والتفكير بره الصندوق. وتقريبا ده الجزء اللي بيفرق الانسان عن باقي الحيوانات وبيخلينا اكثر ذكاءا وتطورا اذكى.

اما الجزء الحيواني هو جذع الدماغ المسئول انه يخلينا في الامان ويحمينا من غدر الزمان ونخضع للعادات والتقاليد علشان المجتمع يرضى عننا ويقبلنا وهو مصدر عقلية الضحية برضه. وعلى ما اعتقد ده بيبقى مسئول عن حاجات زي التنفس ونبضات القلب والاساسيات اللي بتخلي الكائن على قيد الحياة.

فالفكرة عشان تخلي مخك بالكامل يشتغل لصالحك مش ضدك، لازم الاول تبني بيئة آمنة خطوة بخطوة. واحدة واحدة. حتى لو لوحدك في الاودة، خلي اودتك واحة امان. وزينها على مزاجك بطريقة تريحك نفسيا. تبقى كأنك عايش في عالمك الخاص. او صفحتك على مواقع التواصل الاجتماعي. او حتى في دماغك بين وبين نفسك. انما لو حبست وكبت وانكرت غرائزك الاساسية، انت اول واحد هتتكوي بنار الكبت وبعدين النار دي هتاكل كل اللي حواليك كمان.

لكن مع التعود، بتبتدي الفرحة تزيد بالتدريج. بيبتدي الخوف من المجهول يتلاشى شوية شوية. حس المغامرة بيتقلب لاحساس بالتفاؤل اكتر من شعور بالخطر. وبتلاقي راحتك في الحاجات اللي بتطور من شخصيتك مش الحاجات اللي بتأخرك. وده هدف كبير من اهداف تطوير الذات: يعني القدرة انك تشوف فرصة جديدة حتى في المواقف الصعبة، وانك تتعود على تطوير نفسك، وتكون افكارك رايحة في اتجاه انك تتعلم وتنمو بعكس انك تكون حذر في تصرفاتك وبتلعب في المضمون. لأن التطور الحقيقي عمره ما بيجي من الراحة بيجي فقط من انك تكسر وتبني نفسك اقوى من الاول.

متخفش تطوير الذات مش دايما بيكون مبني على ان النار تلسعك بعدين تتعلم الدرس وتعرف انك تبعد عن النار بعد كده. اهم حاجة في الكلام اللي انا بقوله وعايز اوصله لكل العالم انك تكون منفتح على التجارب الجديدة والتعارف بدل ما تقفل علي نفسك وتعيش في عالم منعزل تحس فيه بالامان المزيف.

 الزتونة يعني انك تحس بالراحة في مواقف جديدة وتكون عايز تجرب حاجات جديدة، وانت اللي تروح للخطر بنفسك وتتخلص من الامان المزيف. انك تكون متعود تحس بالامان من جواك مواقف انت مش متعود عليها عشان عارف انك هتطور من نفسك. فدي حاجة مهمة في تطوير الذات، بتخليك تعيش الحياة اكتر وتنغمس فيها اكتر، تبقى اكتر من مجرد انسان عادي.

وطبعا مش كل الناس عايزة تعيش الحياة للدرجة دي بس انا بتكلم للناس اللي عايزة تعيشها يعني. اصل للاسف انت عايش في عالم بيستفيد من اخطائك، فلو شافك بتغلط مش بيقلك تصلح الغلط طالما ان الغلط ده في مصلحته. إلا في البلوج هنا بندلك على الصح وبنصلح تفكيرك وسلوكك علشان تكون انسان منتج ونافع للمجتمع.

وتعالوا ننهي البلوج باحساس التفاؤل ده ونصيحة اخيرة:

لازم دايما تفضل واعي بالاسباب اللي بتقتل الفرحة وتتعامل معاها صح. انا ذكرت سبعة اسباب بس هم اكتر من كده. وممكن يختلفوا من شخص لشخص ويتجلوا في اشكال مختلفة. بس انت دور عليهم في نفسك وهتلاقي ان هم الحاجات اللي بيخلوك تدمر نفسك لما تفضل في المكان المريح ليك. وركز تفكيرك ازاي تفك العقد المكلكعة دي واحدة واحدة. وفي النهاية انت هتعرف انت عايز ايه وهتقدر تحققه فعلا.

وقبل ما اختم البلوج طبعا لازم اقولك على الواجب:

1. حدد 3 حاجات بسيطة جدا بتخليك فرحان لما بتعملها، واكتب في الكراسة بتحس بأيه وانت بتعمل الحاجات دي، بعدين فكر في طرق جديدة عشان تعمل نفس الحاجات تحولها عادة يومية.

2. افتكر موقف حصل من قريب وبالغت في رد فعلك فيه، واكتب الموقف ده بالتفصيل وكنت حاسس بأيه. وبعدين اكتب كان المفروض ازاي تتعامل ازاي في الموقف ده وايه الاجراء الصحيح اللي كان لازم تاخده. الهدف من التمرين ده مش الندم او انك تلوم نفسك، الهدف انك تغير وجهة نظرك وتشوف انت اتصرفت غلط ازاي علشان لو الموقف اتكرر تتصرف بطريقة صح.

3. فكري في حاجة انت محتارة فيها دلوقتي، او مشكلة ملهاش حل، او حتى شخص. تخيلي. وبعدين ركزي مع ردود افعال جسمك، حاسة بأيه وفين. واكتبي اللي حسيتي به.

4. فكر في الاشخاص اللي حواليك واكتب مميزاتهم وعيوبهم ايه، اكتب ايه اكتر حاجة بتعجبك فيهم واكتر حاجة مش بتعجبك، بعدين اكتب انت نفسك تقدر تقلد الحلو ازاي وتبعد عن الوحش في حياتك ازاي.

5. هنا دي مش حاجة نظرية هتكتبها في الكراسة، دي حاجة عملية، هي تمرين الوعي بالجسم. اللي هو بتغمض عينيك بعدين نفس عميق، وبتركز على اعضاء جسمك. مثلا بتركز على رجلك، شد عضلات رجلك وخد نفس عميق بعدين طلع النفس وارخي عضلات رجليك. بعدين مثلا تطلع تركز على بطنك شد عضلات بطنك وخد نفس عميق بعدين طلع النفس ورخي العضلات. وعادي انك تكرر التمرين ده على نفس العضو لو حاسس ان في انقباض او عدم راحة من 3 لخمس مرات. واعمل كده مع كل اعضاء جسمك عضو عضو. والتمرين ده كل ما بتمارسه كل ما بتتحسن في ادائه وبيخليك تحس بجسمك جدا ومفيد جدا للراحة العقلية والجسمانية وممكن تعمله في اي وقت واي مكان بس هو بيحتاج هدوء وتركيز ابقى اعمله وانت فاضي او من ضمن روتين التمرين البدني عموما.

كلام كبير مفيش شك واتكلمنا كتير ولسه هنتكلم اكتر، واستنونا في البلوج القادم عن 10 دروس حياتية قاسية من 2019. وقبل ما امشي مش عايزك تنسى المشاركة على صفحتك وتكتبلي في التعليقات ايه رأيك في الكلام ده. ومتنساش تعمل الواجب.

المصدر: The Mountain Is You

Comments