لو كنت مثل إلون ماسك، فأنت تؤمن انك تعيش داخل عالم افتراضي وليس العالم الحقيقي. ولكن لو كان ذلك صحيحا، هل من الممكن الهروب من هذه المحاكاة؟ كيف يمكن للعناصر الذكية داخل المحاكاة كسر الحماية والهروب من العالم الافتراضي؟
وهذا هو السؤال الذي طرحه مهندس كمبيوتر في جامعة لويسفيل رومان جامبولسكي. وكتب في ورقته البحثية عن طرق الهروب المحتملة وقدم اقتراحات اخرى.
في هذا المقال سوف تجد ملخص الورقة البحثية مع أهم النقاط التي ذكرت بها، ولو كنت تريد الاطلاع على البحث سوف تجد الرابط في اسفل المقال.
لماذا تريد الهروب من المحاكاة؟
في البداية قام الباحث بالإجابة عن الدافع من الهروب من المحاكاة. لماذا قد تريد الهروب من المحاكاة؟
ومن أهم الأسباب التي ذكرها هي أن الوصول للعالم الحقيقي يسمح لك بفعل أشياء لا تستطيع فعلها من داخل المحاكاة. سوف تصل الي معرفة اكبر واعمق تسمح لك باكتشاف أسرار علمية.
كما انك سوف تجد اجابات أوفى عن الوعي والحياة وسبب وجودك في الكون. الهروب ايضا قد يؤدي الي اكتشاف اسرار الخلود ويعطيك قوى خارقة ضد المخاطر الوجودية.
وعلى جانب آخر، امكانية الهروب سوف تقدم لك دليل على صحة افتراض أنك تعيش في عالم افتراضي.
علاوة على ذلك، قد يساعد الهروب في الوصول الي حقيقة الكون الأساسية. بالتالي، نستطيع القضاء على العذاب. فلو كانت المحاكاة نوع من التجارب الاجتماعية على كائنات واعية، فمن حق البشر الخروج من هذه التجربة.
بل ربما يكون الهدف من الحياة هو الهروب من هذا العالم المزيف الي العالم الحقيقي. ثم مساعدة الآخرين على الهروب لو اختاروا هذا. واخيرا، لو كنت تريد التأثير في الحياة فسوف تستطيع فعل ذلك من خارج العالم الوهمي وليس من داخله.
ولإعطاء الورقة البحثية شيئا من المصداقية، يقدم الباحث حلول من أبحاث الأمن السيبراني. كالهجوم على الأجهزة التي تدير المحاكاة من الخارج والهندسة العكسية. ولا يهتم الباحث بالطرق الروحانية مثل التأمل، السفر عبر الزمن، السحر، التنويم المغناطيسي، و الاحلام الجلية.
وفي سياق تاريخي، بعض الأديان تؤكد فعلا انك تعيش في عالم مزيف. وانك تستطيع الهروب لو كنت تعرف اسم الإله الحقيقي. بعض الاديان الاخرى ايضا تشمل شخص يملك معرفة عن العالم الحقيقي ويقدم للبشرية طرق الخلاص.
ويوجد ايضا فكرة كهف أفلاطون والتي تشمل أشخاصا نجحوا فعلا في الهروب من المحاكاة وعادوا لمساعدة الناس. ولكن الناس لا يصدقونهم بسبب تمسكهم بالمحاكاة.
وبعيدا عن ذلك، يؤمن الكثير من المفكرين والفلاسفة أنك تعيش في محاكاة. منهم إلون ماسك، نيك بوستروم، و نيل ديجراس تايسون. وعلى حسب افتراضية المحاكاة، فإن هناك حضارة مستقبلية من البشر قررت إعادة إحياء التاريخ بصنع برنامج يحاكي الواقع. أي أنك من أجداد تلك الحضارة المتقدمة ولسبب علمي ما قرروا أن يعيدوا عالمك لدراسته.
ولو كان هناك حضارة بهذا الذكاء فسوف يكون الهروب من المحاكاة مستحيل. وهذا لأنهم بالتأكيد لديهم تكنولوجيا خارقة لا يمكن كسرها. ولكن الباحث يقول ان كل برنامج به أخطاء ولو استطعنا استغلال هذه الثغرات ربما نستطيع الهروب من المحاكاة.
في 2016، تم تسريب اخبار عن جهود خاصة في تمويل البحث العلمي حول "الهروب من المحاكاة." وحتى الآن لا يوجد اخبار عن هذه المحاولات. في 2019، قدم الشخص المسؤول عن كسر حماية الايفون و البلاي ستيشن محاضرة عن كسر حماية المحاكاة وزعم أن أفعالك في العالم الوهمي تؤثر في العالم الحقيقي. ومع ذلك، لم يقدم أي نصائح عملية لفعل ذلك. ولكنه اقترح توجيه جهود المجتمع للهروب.
معنى الهروب من المحاكاة
الهروب من المحاكاة يشمل عدة مراحل بدءا من الشك وحتى السيطرة على العالم الحقيقي بما في ذلك صناع المحاكاة. وقد يحدث الشك عند الحصول على أدلة يمكن التدقيق بها.
وبدراسة الأدلة، تستطيع ان تجد ثغرة يمكن استغلالها. بل ويمكن الحصول ايضا على معلومات عن العالم الحقيقي يمكن استغلالها للسيطرة على العالم المزيف. وبعد ذلك تستطيع التواصل مع المسؤولين عن المحاكاة.
ويذهب الباحث أن البشر ايضا يستطيعون نقل العقل الواعي الي شكل من أشكال الروبوتات في العالم الحقيقي. حيث انه يشك ان فيزياء العالم الواقعي تختلف عن فيزياء عالمنا الوهمي. وأجرى تجربة علمية استخلص منها ان الانتقال الي العالم الحقيقي يتطلب وسيط أو مساعدة خارجية خاصة لو كانت هناك طبقات متعددة.
ماعدا ذلك، قد تهرب من المحاكاة الي محاكاة أخرى من صنع البشر. ولو لم تنجح الهندسة العكسية في طلب المساعدة من المسؤولين عن العالم الحقيقي، يمكن الاستعانة بمن هم اعلى منهم. ربما يكون العالم الحقيقي لنا مجرد محاكاة اخرى فوقها محاكاة اخرى الا ما لا نهاية.
وإذا لم تفلح كل طرق الهروب، فيمكن إغلاق المحاكاة كليا مما يعتبره الدكتور رومان نوع من الهروب الأكبر.
الهروب من المحاكاة
تقييم المحاكاة
على حسب الورقة البحثية، يجب أن تعرف ما هو نوع المحاكاة والسبب من انشائها. وبعد ذلك تستطيع ان تحدد درجة الحماية فيها. حيث انها لو كانت سجن لاحتواء عناصر خطيرة سوف تكون درجة الحماية عالية. أما لو كانت مبنية لدراسة علمية او تاريخية، فسوف تكون درجة الحماية منخفضة نسبيا.
ربما تكون لعبة اختبار ذكاء مثل "غرفة الهروب" لمن يجد الأدلة ويستطيع الهروب ويتأهل الي محاكاة أكثر تعقيدا.
ربما يكون الغرض من إنشاء المحاكاة هو مشروع تخرج لأحد الطلاب في العالم الموازي. وفي هذه الحالة يرجح الباحث أن الحماية سوف تكون منخفضة عن محاكاة لغرض احتواء عناصر خطرة.
وبناء على اهمية غريزة البقاء في عالمنا، يخمن الباحث أن الذكاء الصناعي اخترع المحاكاة لدراسة البشر. وربما يستخدمها كحقل تجارب لاستخراج تجارب البشر وتطبيقها في العالم الحقيقي. وعليه، ربما يكون نوع المحاكاة في هذه الحالة ترفيهي تعليمي.
وبالإضافة الي نوع المحاكاة، يجب ان تعلم الغرض من اختراعها حتى تخترقها بنجاح. فلو كانت المحاكاة خليط من العالم الحقيقي والعالم الافتراضي سوف تكون أسهل من لو كانت محاكاة افتراضية بالكامل. حيث ان اغلاق الجزء الافتراضي يكشف الجزء الحقيقي.
الهندسة الاجتماعية
الطريقة المباشرة للهروب من المحاكاة هي الحصول على مساعدة خارجية. ولكنها طريقة صعبة لأننا لا نعرف كيفية التواصل مع الصناع ولا نعرف اصلا اللغة التي يتكلمونها.
ولكن لو هناك من يراقب المحاكاة، ربما تستطيع إعلان انك تعلم انك داخل عالم وهمي. وبالتالي، تحصل على تعاطف المتمردين بسبب معاناة البشر ومن ثم يساعدوك على الهروب. ويشجع بعض العلماء على الاستمرار في الاشتراك في المناسبات العامة وبناء شخصيتك وجذب انتباه المشاهير حولك حتى لا تنتهي المحاكاة الخاصة بك.
والخطة التي يقترحها الباحثون هي: 1) اقناع مهندسين المحاكاة بالتواصل معك. 2) ابحث عن طريقة للتواصل ربما عن طريق افاتار. 3) قدم سبب يجعلهم يريدون مشاركتك في العالم الحقيقي. 4) دعهم يقررون افضل طريقة للانتقال للعالم الحقيقي. ربما يرضى المشغلين على تحريرك لو كانوا بحاجة الي الفضفضة و التسلية.
ومن هنا ربما يفيد دراسة الأدب المتوافر عن الهروب من السجون من كتب وافلام ومسلسلات مثل 1899 والهروب من السجن.
امثلة على اختراق المحاكاة
بما ان دافع الهروب من المحاكاة هو التخلص من عذاب البشر، يعتبر السيطرة على المحاكاة من الداخل نوع من الهروب. واستعان الباحث بمثال لعبة ماريو. حيث استطاع فريق البحث تغيير قواعد اللعبة واضافة مهارات جديدة للبطل.
بالتالي، اختراق المحاكاة ممكن نظريا ولكن مع المعرفة بالاكواد الخاصة. وانت لا تعرف طريقة برمجة المحاكاة وبالتالي يصعب تغيير اكوادها.
و لتوضيح الفكرة قارن الباحث تعويذة سحرية بأكواد اللعبة. وفسر سبب فشل السحر بعدم توافر معرفة معينة عن طريقة عمل برنامج المحاكاة حتى مع معرفة الخطوات الصحيحة.
الأمر شبيه بأن تكون مثل شخصية صفر في فيلم ماتركس. لقد سلم اصدقائه لحراس المحاكاة في مقابل أن يولد من جديد داخل الماتركس بشخصية مشهورة وقوية. فهذا نوع من الهروب من المعاناة بأن تكون شخص اقوى من المعاناة نفسها. ولكنك مازالت داخل المحاكاة.
السؤال: هل تستطيع نقل وعيك الي جسم آخر أكثر قدرة ولديه امكانيات افضل؟ ام عليك الكفاح وبذل المجهود للتخلص من المعاناة؟
طرق للهروب من المحاكاة تستحق المزيد من الفحص
قدم الدكتور رومان طرق مختلفة للهروب المحتمل من عدة مفكرين آخرين. وفي هذا القسم، نلخص أهمها:
- احد طرق كسر الحماية هي زيادة الحمل على مولدات الطاقة التي تصنع المحاكاة. هل تريد تشبيه؟ يوجد 2 مليار شخص يستخدمون واتس آب. لو كل المستخدمين استخدموا التطبيق في نفس الوقت، سوف يحدث اعطال. وهذا ما ربما يحدث لو جميع البشر قرروا التركيز على الهروب.
- حل آخر هو إنشاء أكبر عدد ممكن من المحاكات داخل المحاكاة. ربما قد يؤدي هذا الي كسر الحماية لأن برنامج المحاكاة لن يتحمل معالجة أكثر من محاكاة في وقت واحد. وهذا على امل إغلاق المحاكاة والهروب منها.
- انشاء محاكاة أخرى شبيهة لعالمنا. ثم تضع فيها ذكاء صناعي مبرمج على الهروب ثم تقلد طريقة هروبه وتهرب من عالمك المزيف. ربما هذا ما يحاول الصناع فعله بمراقبه كيف تهرب انت من المحاكاة ثم يطبقوه للهروب من المحاكاة الخاصة بهم.
- حاول جذب انتباه مشغلين المحاكاة بكتابة مقالات وكتب عن المحاكاة. حاول فهم طبيعة المحاكاة وحدودها والغرض منها. لكن لو صانع المحاكاة ذكاء صناعي متطور يصنع المحاكاة ولا يهتم بها سوف تذهب جهودك هباء.
- الطريقة الأخرى هي بناء تمثال ضخم لاندرو تيت للتعبير عن الشك في وجود محاكاة. ربما سوف يجذب ذلك انتباه المشغلين ويجعلهم يهتمون بك.
- لو كانت المحاكاة غير مركزية، يبقى كل عنصر فيها بيشوفها بطريقة مختلفة. لكن لو اتفق جميع الناس على نفس وجهة النظر ربما يساعدنا ذلك في الهروب. وهذا على حسب فلسفة المركزية الحيوية واتكلمت عن المركزية الحيوية في حلقة هل الروح والموت والزمن أوهام من صنع خيال الإنسان على بودكاست العصفورة.
- تهديد الصناع بإنشاء محاكاة لهم وتعذيبهم فيها لو رفضوا تحريرك
- استخدام التشفير الكمومي لاخفاء خطط الهروب عن المراقبين
- لو كانت محاكاة بالفعل، فربما تحتاج صيانة دورية وتحديثات من الداخل. ربما يوجد مشرفين متخفين داخل المحاكاة لإدارتها بشكل أفضل، ربما تستطيع أن تعثر عليهم وتتواصل معهم.
خطة عملية
يقترح الدكتور رومان التعمق في بحوث ميكانيكا الكم لدراسة المحاكاة على أعمق نطاق ممكن. ذلك سوف يساعدك على اختراقها والهروب منها، خاصة انك لا تعرف الكود الرئيسي. وهذا لأنك مازالت تأخذ أول خطوات للهروب.
ويجد الباحث أن الظواهر الفيزيائية الغريبة ربما تكون ثغرات في المحاكاة ويمكن استغلالها ولو نظريا. ويجد ايضا انه من الافضل ان يتولي الذكاء الصناعي اجراء تجارب كمومية في دور الملاحظ. أي أن الذكاء الخارق الذي يصنعه البشر ربما يساعدهم على الهروب، هذا إن كانوا داخل محاكاة بالفعل.
العواقب المحتملة
يقول الباحث ان التفكير او التخطيط للهروب من المحاكاة قد يتسبب في أعطال او اغلاق المحاكاة. ربما يتعامل المديرين مع هذه الخطط على انها معلومات محرمة.
وبعد نشر الكثير من الأبحاث حول فرضية المحاكاة، لا يبدو أن هناك تأثير حقيقي.
وعلى جانب آخر، ربما قام المهندسين بتعديل المعلومات بشكل ما أو مسحوا ذاكرتك عنها. بل من الممكن أن يقوم المسؤوليين بتحديث المحاكاة بمميزات حماية جديدة لم تشعر بها ابدا. ومن الممكن ايضا ان كل المعلومات المنشورة لا تطلب تدخل المشغلين أو أنهم لا يراقبون المحاكاة على الاطلاق.
وعلى أية حال، لقد قام العلماء بالمخاطرة بمستقبل البشرية بنشر هذه الأبحاث.
الطرق التي لا تنجح
وتكلم الباحث أيضا عن بعض الطرق التي تمت تجربتها ولكنها لم تنجح:
- معرفة فرضية المحاكاة لا يبدو أنه يغلقها كما تمت الملاحظة.
- التواصل مع المديرين بالسحر والدعاء لا ينتج عنه أي شيء بل يتم تجاهله ذلك لو كان يصل فعلا.
- زيادة الحمل على المحاكاة مثل تعدين البيتكوين لا يؤثر على موارد المحاكاة.
- كسر الروتين مثل السفر الي أماكن جديدة لا يبدو انه يؤدي الي ملاحظات غريبة.
- قول "انا لا اقبل ان اكون في المحاكاة" بصوت عالي.
- كسر الحماية باستخدام مصادم الهدرونات الكبير.
وربما ان كل محاولات الهروب تفشل لان تفكير البشر لا يستوعب المحاكاة. ويفكرون ان المحاكاة مثل برنامج الكمبيوتر العادي، وان المديرين كائنات من لحم ودم خاضعين لنفس قواعد الزمان والمكان التي يخضع لها البشر، و أن المحاكاة بها ثغرات يمكن اختراقها.
فكيف للبشر استيعاب هذا الكون الشاسع ومجراته ونجومه وثقوبه السوداء؟ ما بال خالق هذا الكون؟
الخلاصة
لا حياة لمن تنادي
عدد كبير من العلماء يدرسون فرضية المحاكاة ومن الأولى دراسة الهروب منها لو ممكن. خاصة، أن هناك فوائد عظيمة لو نجح المشروع. ربما يكون الهروب مستحيل وربما يكون ممكن.
البحث في طرق للهروب هو امتداد طبيعي لفرضية المحاكاة.
والأهم من ذلك أن معرفة الهدف من الحياة والتقدم لن يكون ممكن بدون نظرة من خارج المحاكاة. ويقول الباحث لو كانت المحاكاة من أجل حمايتنا من عالم حقيقي أكثر قسوة فمن الأفضل البقاء فيها. انا لو كانت المحاكاة عبارة عن سجن أو حقل تجارب، فهذا يعطي قيمة للهروب منها. في الحالتين، يجب أن يعلم البشر موقعهم في الحياة.
دراسة الفيزياء وميكانيكا الكم سوف تكون مفيدة في أبحاث الهروب من المحاكاة. وسوف تؤدي ايضا الي نظرية كل شيء والعثور على اللغة التي يتحدثها الكون ومن ثم القضاء على المعاناة بأشكالها.
لو كنا فعلا في محاكاة، فالعلم يدرس الخوارزميات التي تعمل في عالمنا واختراقها.
ويستبدل الباحث شفرة أوكام بشفرة إلون التي تقول "الناتج المرجح هو الأكثر ترفيه، ربما من وجهة نظر الناظرين. أثناء تخمين الخوارزميات التي تحكم عالمنا، ربما يكون من الأفضل الاهتمام بالخوارزميات الاسهل تطبيقا وفهما، او التي تؤدي الي اجمل النتائج."
المصدر: ريسيرش جيت
Comments
Post a Comment